الأربعاء، 30 نوفمبر 2016


هل يقف امجد على قدميه بعد أن قطعت الحياة اوصاره؟؟!
اعداد: محمد حسين و محمود رشدان

قالوا إن شدة الضغطِ تولّد الإنفجار, وقالوا أيضاً إذا شعرتَ بمتاعب الدنيا تضغطك بهمومها وتعصِر قلبك لا تحزن فإن الله يريد أن يخرجَ أحلى مافي قلبك, نعم هذا حال عائلة الصفدي من قرية عوريف جنوب نابلس, أو هم ثنائي ذهبي مالت عليهم الدنيا فمالوا عليها وتحدَّو كل متاعبها ليخرجو من محنةٍ أوشكت أن تقسِم ظهورهم, لكن إذا التقى الصبر مع الرضا تهزم الصعاب, كيف لا وقد جمع الله بين اثنين, زوجٌ لديه القدرة على إتقان أي عمل مهني يراه أمام عينيه ولو لمرة واحدة, وزوجةٍ ذكية أحبت زوجها فوقفت معه في أصعب حالاته.
نقف هنا لنتعلم درساً ان الحياة لا تقف عند اول مطب يمر به الانسان، و ان العزيمة و الصبر تهزم المرض حتى لو عجز الطب عن علاجه، هنا امجد الصفدي اكبر مثال على ذلك يروي لنا قصته فيقول: "تعرضت لحادث اعتداء في عام 2008 داخل الخط الأخضر و نتج عن هذا الإعتداء عجز بنسبة 75% في وظائف الجسم و أعضائه, وكان التركيز الأكبر للعجز على الدماغ مما خلق لديّ حالة نفسية وأعراض كثيرة منها صداع دائم وتشنجات"
لم يبقى طبيب لم يدق امجد بابه لعل و عسى ان يجد من يدله على علاج ولو بسيط لحالته ولكن دون جدوى يكمل "ذهبنا إلى الطبيب الشرعي في مستشفى جامعة النجاح فقال لزوجتي إنه لايوجد علاج لحالة زوجك اتركوه ينتظر رحمة ربّه"
المرض وحده لم يكن الضغط الوحيد على امجد "تعرضت للكثير من الضغوط في المحاكم وقضيتي بقيت عالقة, بالإضافة لأننا دفعنا مبالغ هائلة في سبيل إيجاد علاج لحالتي, ثم توجهنا إلى لجنة الزكاة وإلى الشؤون الاجتماعية للبحث عن المساعدة, طرقنا كل الأبواب لكن دون جدوى, ففي الشؤون الإجتماعية كونها المساعد الأول لمثل حالتي لم يقدموا لنا أي نوع من المساعدات وعدنا مراراً وتكراراً للسؤال عن السبب وفي النهاية قالوا لنا لديكم بيت, لن نساعدكم"

ظلم عاشه الصفدي جعله يمسك بكل وثيقة تثبت ذلك لتبقى شاهداً ان شريعة الغاب حاضرة في حياتنا و الضعيف حقه مغصوب، يسترسل كلامه "أحتفظ بكل الملفات والتقارير الطبية لتكون شاهداً على الظلم الاجتماعي الذي نعيشه, أنا كمواطن أقدم شكوى في المحاكم ولكن القضية تبقى عالقة، إذ تم حجز قضيتي لمدة 9 شهور بل وتعرضت للإهانة، كنت أذهب إلى جلسة الحكم فكان هناك شرطيّ ينتظرني, يضربني ويمنعني أن أدخل فأعود إلى البيت خاويَ اليدين, كانوا يستغلو حالتي الصحيّة, فقد كنت أتناول حبوب مهدئة فلم أكن بكامل وعيي"
ضاقت الدنيا بعائلة الصفدي فلم يبقى امامهم سوى الاعتماد على انفسهم لتخطي هذه المحنة، يكمل حديثه "لتخطي هذه المحنة بعنا كل ما نملك, فقد بعت أدوات الحدادة التي أمضيت سنين عمري و أنا أجمعها, كذلك زوجتي باعت كامل ذهبها, وبفضل الله اعتمدنا على أنفسنا ولم نقترض من أي شخص ولو مبلغ بسيط"
رنيم الصفدي زوجة امجد كانت سنده الوحيد و يده و رجله في كل خطوة في حياته، ساندته و وقفت بجانبه لتجعل من قناعة الناس ان حواء ضعيفة ولا تصلح لشيء خارج بيتها قناعة زائفة لا اصل لها، فيقول: "يجب على المرأة أن تعمل في شتى مجالات الحياة، نحن في بلد محتل ولا يعلم الشخص ماذا يحصل له، فيجب أن تكون المرأة عوناَ له وتقف إلى جانبه وليس عيباً أن تعرف المرأة كل شيء، رزقني الله بزوجة ذكية تحب العمل ولديها القدرة على إتقان أي عمل مهني بكل حرفية"

هنا يتجلى دور الزوجة الصالحة التى تجعل من بيتها و زوجها اولى اولوياتها، فتحدثنا رنيم عن قصتها في دخولها عالم الحرف المهنية المقتصرة على الذكور في مجتمعنا، او كما قال بعضهم انها مهن ذكورية لا يصح للمرأة العمل بها، كي تساعد زوجها في تخطي محنته فتبدأ كلامها قائله: "في حياة كل إنسان يمر بمرحلة صعبة، قمنا بفتح محددة صغيرة في بيتنا لتصبح مصدراً نعيل منها أبنائنا، كان حجم الإنتاج قليل لأن حالة زوجي الصحية  لاتسمح له بأن يعمل لوحده ومن الصعب أن نحضر عاملاً ليساعد في أعمال الحدادة، فقررت أن اساعد زوجي، في البداية كان عملي مقتصراً على قياس الحديد أو أن اقوم بتثبيت قطع الحديد لزوجي، مع الأيام تعلمت أسماء و أنواع الحديد و أتقنت عملية القصّ واللحام إلى أن وصل بي الحال أن أفصّل أي طلب للزبائن, من أبواب و كافة أعمل الحدادة ومنتجاتها" .
انتقادات الناس كانت لاذعة لرنيم على عملها في مهنة الحدادة فتكمل حديثها "إنتقادات الناس كانت كثيرة ولكن تخطيت كل هذه الإنتقادات لكي أساعد زوجي, وكل ذلك عن قناعة مني وحبٍ لعملي, فأذهب مع زوجي لكل ورشة ونقوم سوياً بتركيب ما ننتجه من طلبات الزبون"
ذكاء رنيم جعلها تتقن كل عمل يقوم به زوجها، فتعددت لائحة الأعمال التي تتقنها لتصبح مرأة مهنية من الدرجة الاولى فتقول: "اتقنت العمل في كل شيء, فقد تعلمت تصليح خلاطات الإسمنت بالإضافة إلى أعمال البناء كافّة وتعلمت قيادة السيارة ولديّ حالياً رخصة سياقة, أذهب مع زوجي إلى السوق و أقوم بشراء المواد الخام والحديد و أفاصل التجار على الأسعار حتى أن بعض التجار أخبر زوجي أن لا يصطحبني معه إلى السوق لأنني أفاصل و أحصل على أسعارٍ جيدة، ومن الجميل أيضاً أن سيارتنا الخاصة لاتذهب إلى كراج تصليح السيارات فلا داعيَ لذلك فكل عطلٍ فيها نقوم بإصلاحة بأنفسنا, كل شيء جديد يتعلمه زوجي أتعلمه منه واتقنه"
تختم رنيم قصتها بنصيحة توجهُها لكل امرأة فلسطينية "أحثِّ كل امرأةٍ قادرة على مساعدة زوجها في أي مجال من مجالات الحياة أن تساعده وتكون سنده في الحياة إذا مالت عليه الدنيا".


رسوم كاريكاتيريه 





























انفوجراف يوضح نسب النساء العاملات في فلسطين من سن 15 سنة فاكثر


كلمات مفتاحية: رنيم، الحدادة، المراة العاملة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق